دخول تسجيل  
 
سياقات اللغة والدراسات البينية
An International Journal
  الرئيسية من نحن الأخبار المجلات المؤتمرات الكتب اتصل بنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المحتويات
 

Vol.2 المجلد الثانى > العدد الخامس ٣٠ - ٤ - ٢٠١٧

 
   

افتتاحية العدد - المغالطة في فضاء الاحتمال

PP: 0
Author(s)
أ.د. محمد العمري,
Abstract
يمتد الخطابُ البلاغيُّ، بوصفه إنشاءً احتماليا، من أقصى حدود التخييل إلى أقصى درجات التصديق. تَـحُدُّه عَـتـبـتان افتراضيتان: عتبةُ الهَـذَر، حيت ينعدم مفهوم النص، و عتبة البرهان والتجريب،حيتُ تُحسَم الخلافاتُ، وتُفضُّ المنازعاتُ بالعَدِّ والكيْل و الوزْن. في هده المنطقة الشاسعة, في هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف، المتنوعة التضاريس: من محيطات الخيال وظلماته، إلى فضاءات البيداء المكشوفة لأشعة العقل, يمتد الاحتمال بين الأقاويل المخيلة/الشعرية والأقاويل المصدِّقة/الخَطابية. 1- المخيِّلُ (من المنشئـيـن) هو صانعُ الصور (figures) - ومنها الأساطير- يَدَّعي الكذبَ و يُقيم القرائنَ على كذبه، ومع ذلك يظلُّ كلامُه يحتملُ الصدقَ، وقد يحاكم عليه، أو يترجَّح بين الصدق و الكذب، كذبُ يُراد له أن يَنفضحَ، وبذلك لا يبقى كذبا، إذ يُـرادُ من مُتلقيه المفترض أن يعيش في البرزخ الذي عاش فيه الشاعر حين ضاق به الواقع ولم تسعفه اللغة. لم يسعفه الخطاب العلمي ولا الهذر والجنون. هذا هو منــزع التخييل الشعري. و المنــزع (أو النزوع) لا يساوي الانجاز، ولا يتطابق معه، دائما. فمنطقة "البين بين" أوسعُ مما عند "القطبين". 2- أما المصدِّق فهو مُجْتَلِبُ الحجج ومُستقطـــبُــها. والحججُ منها ما هو رَخوٌ هَشٌّ لَيِّـنٌ: يلتبس بالصور المخيلة المصنوعة، ومنها ما يسمو إلى مستوى البراهين اليقينية الأكثر واقعية، ومنها ما بينهما، وهو عمدة الإقناع وعموده، ومهما اكتسبتِ الحجةُ الخَطابية/البلاغية من قوة وقدرة على التيقـيـن فإنها تظل احتمالية، وذلك لارتهانها بالأثر الذي يُراد إحداثُه في متلقٍّ يُطلبُ انخراطه في الدعوى، ومُستخــبِــر/مُستعلِم تتفاوتُ قدراته في تحصيل الخبرة. فالعبرة بالأثـر. طالبُ الانخراط يَدَّعِـى الصِّدقَ، ويُقيمُ عليه الحجة، و يجتهد في إبعاد الشبهة, يريد من متلقيه الخاص (المُسْتَمَع) أن يخرج من البرزخ، أن يحسم أمرَه. وبعبارة أخرى، ودفعا لكل لبس، نقول: لا يخرج الخطيب من منطقة الاحتمال حتى و لو حشَدَ أكثـرَ الحُجج صلابةً وَ واقعية و منطقية، لأنه يَرْهَن خطابه بمُستَمِع له شروطه وأسبقياته وإكراهاته المقامية والمعرفية. فالأمر لا يتعلق بالدواء الموصوف لمرض مَا، مهما كانت نجاعتُه، بل يتعلق أيضا بحال المريض في حساسيته، ومدى احتماله لهذا الدواء أو ذاك، لهذه الجُرعة أو تلك. وهذا يفتح نافذة على البعد البيداغوجي للخطابة. الخطاب البيداغوجي مبني، بدوره، على تكييف المعلومة تبعا لحال المتلقي المعين, فمهما بلغ طموح الكونية والتيقـيـن فإن الخطاب البلاغي يظل مرهونا بالبلوغ؛ قد يحققه فيكون هو هو، أو لا يحققه فلا يكون. نتحدث، لحد الآن، في مستوى الجوهر والنـزوع: الشعريُّ ينزع نحو التخييل، و الخَطابيُّ ينزعُ نحو التصديق, أما على مستوى الإنجاز فالتخييل والتصديق متداخلان في إقليم (région) واسع, التخييل والتصديق جناحان للبلاغة، يتوغلان في جدعها، ويلتصقان بعمودها الفقري, تخييل مُصدِّق، و تصديقٌ مُخيِّل , و كمال البلاغة في هذا التقاطع، ففيه أُنتجتْ الكلاسيكيات الخالدة.

  الرئيسية   من نحن   الأخبار   المجلات   المؤتمرات اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة لـ isci-academy.com