دخول تسجيل  
 
سياقات اللغة والدراسات البينية
An International Journal
  الرئيسية من نحن الأخبار المجلات المؤتمرات الكتب اتصل بنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المحتويات
 

Vol.1 المجلد الأول > العدد الثالث ٣٠ -٨-٢٠١٦

 
   

أبجديات الغياب - نظرة في آليات الوعي المصري المعاصر

PP: 0
doi:10.18576/contexts/01010305
Author(s)
د. ناجى رشوان,
Abstract
تحاول هذه الدراسة الإجابة على تساؤل أساس يلخص مجمل أسئلتها وينسرب في خلفيات افتراضاتها ونتائجها، ربما يمكننا وضعه على النحو التالي: ما الذي يعبر عنه الانفصال القائم في الفعل الحضاري المصري المعاصر بين النظرية النقدية أو التنظير الفني من جهة، وأهدافها التطبيقية من جهة أخرى، وبينهما معا وثقافة الشارع المصري؟ أو بصورة أكثر عمومية: ما الذي يعبر عنه الانفصال القائم بين (المؤسسة) وفلسفة قواعدها الإجرائية من جهة، وأهدافها التي أنشأت من أجلها من جهة أخرى، وبينهما معا وحاجات الحياة اليومية أو متطلبات الخبرة المباشرة في العالم الحياتي العملي في مجتمعنا المعاصر؟ تسعى هذه الدراسة إذا إلى تقديم تفسير أولى لا يدعي الاكتمال لما أسمته على سبيل الإيجاز والمجاز حالة الوعي الحضاري الحالي في وجهين من وجوهه: الوجه الثقافي الإدراكي والوجه النفسي العاطفي، متخذة من مجال الإبداع النقدي والشعري منطقة عملها الأساس، ومن فلسفات الحضارة والنظرات النقدية عند هابرماس، ليوتار، وبوديلار، وفوكو، وهويسن، وإيهاب حسن، وإدوارد سعيد، ولندا هاتشن، وبارت، وبول دي مان، وغيرهم أطرها المرجعية المبدئية. يحاول الجزء الأول في هذه الدراسة الوقوف على تعريف مبدئى لحالة الانفصال هذه وتحليل آليات وجودها حال فعلها، ومناهج تبديها في النظرة الفنية والحضارية العامة على حد سواء، متخذا من مفهوم (البنية) “Structure” تعريفا واصفا لهذا الانفصال ومظاهره الوعيية. ويحاول هذا الجزء أيضا أن يقدم نقدا موجزا لهذا المفهوم من خلال تبيان أثره على الوعي الحضاري المعاصر وعواقب تبنى الفكر له في النظرية الفنية والنظرة النقدية على حد سواء. أما الجزء الثانى فيحاول تحليل ما يراه بوصفه أصول حالة الانفصال هذه وأسباب وجودها واستمرارها وصور هذا الوجود المختلفة والمتنوعة في الفعل الحضاري العملي وخلفياته في الثقافة المعاصرة متخذا من مفهوم السرديات الكبرى “Grand Narratives” عند ليوتار إطارا عاما له في تعريف أحد جوانب هذه الأسباب والأصول وهو ما أسماه هذا الفصل (سردية) الوعي المصري المعاصر. أما الجزء الأخير فيعرف قسمه الأول جانبا آخر من جوانب تلك الأسباب والأصول متخذا من مفهوم التشبيهية “Simulacra” عند المنظر الفرنسي جان بوديلار أساسا عاما له، ويناقش قسمه الثاني والأخير بعض الأفكار والتصورات الخاصة بثقافة الغرب المعاصر أو ما يعرف بـ ما-بعد-الحداثة رغبةً في الإيحاء بموجودات وعيية أخرى، وفي التمثيل على هذا الوجود، ومن ثم محاولة كشف الطرائق التي يمكن لأنواعها العامة الوصول إلى حالة (الوعي بالوعي) أو (الانعكاس على الذات) التي تراها هذه الدراسة حلا عمليا يمكنه فتح الباب أمام محاولات مواجهة أعراض الانفصال والترهل الحضاري السائدة في مجتمعنا الحالى. وعلي الآن أن أعرف مجموعة من المفاهيم والتعبيرات التي استخدمها هذا البحث بصورة متكررة والتي أرى في تعريفها الآن تمهيدا مناسبا يجعل من مواجهتها في نص الدراسة أمرا أقل ضريبة على القارئ والباحث على حد سواء. ما أعنيه بتعبير (الوعي الحضاري) يشبه ما يعنيه لوسيان جولدمان بتعبيره (العقل الجمعى)[1] أو ما يعنيه فوكو بتعبيره (الخطاب) [2] ,من حيث افتراضه مجموعة معينة من العوامل والصفات المنهجية العامة يشترك فيها أفراد مجتمع أو لسان معين، إلا أنه يختلف عنهما في تحديده جانبا واحدا من هذا العقل وحقلا واحدا من حقول هذا الخطاب ألا وهو الجانب الحضاري أو الحقل الحضاري؛ أي جانب أو حقل الفعل الاجتماعي الغائي وخلفيته الوعيية. فالوعي الحضاري إذا –في تعريفه المبدئي- يشير إلى المناهج التركيبية والصفات الفكرية والمبادئ النفسية التي على أساسها يعرّف الفرد (مكانه الحضاري) في المجتمع (تاجر، شاعر، مدرس - رب أسرة، أعزب – تقليدى، متحرر، متمرد، متبع للأخلاق السائدة، رحيم، عادل، متفهم – إيجابى، فاعل، سلبى، مستسلم – محب للفنون، سطحى، عميق … إلخ)، أي دوره الفكري، والإنساني، والسياسي، والثقافي، والاقتصادى حسب ما يتبدى في فلسفة ونوع وقيمة وحجم فعله الاجتماعي إن سلبا أو إيجابا ومن ثم لا يختص الوعي الحضاري بالفكر المجرد أو الرؤية الشخصية إلا لو تبدى هذا الفكر وتلك الرؤية في فعل ما، أو خرجا من حيزهما الشخصي إلى طرف آخر في المجتمع، وهكذا يختص هذا التعبير بكل تلك الأفعال دون استثناء فيها، أو تفضيل بينها، ومن ثم يكون افتراضنا المبدئى الكامن خلف هذا التعبير هو أن كل فعل خارج عن الفرد إلى مساحة اجتماعية ما أيا كان حجمها هو فعل حضارى بالضرورة أما تعبير (الوعي الثقافي) فيشير إلى جانب واحد من هذا (الوعي الحضاري) هو الجانب الإدراكي، ومن ثم يتضمن خصائص ومبادئ وصفات الإدراك الكامنة في الوعي الحضاري للفرد في لسان أو مجتمع ما، والتي على الرغم من إمكانية اشتراك جماعة لغوية ما في وجودها –أي هذه الخصائص والمبادئ والصفات- هى لا تزال خاصة بالفرد وحده، حتى لو تطابقت تطابقا كاملا مع مثيلاتها لدى الجماعة، أو افترض فيها ذلك افتراضا، لاحتوائها على بعد ذاتى لا يمكن تجنبه وهو البعد النفسى، ينطبق هذا الوصف بدوره على تعبيرى (الوعي النقدى) و(الوعي الفني) كليهما؛ إذ إنهما يمثلان بدورهما جانبين من جوانب (الوعي الثقافي)، ومن ثم يحملان صفاته وحدوده العامة.

  الرئيسية   من نحن   الأخبار   المجلات   المؤتمرات اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة لـ isci-academy.com